إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88522 مشاهدة
الكلام عن اختلاف أقوال التابعين

فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض ، إذا اختلفوا في تفسير آية فلا يقال الدليل مع فلان أو الصواب قول فلان إلا بحجة، وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلا صحيحا فالنفس إليه أسكن، وذلك أنه قد ينقل عن الصحابة في هذه الأخبار بعض الأشياء والنفس أسكن إلى ذلك، فيقرب أنه أصح، أسكن مما نقل عن بعض التابعين؛ لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي- صلى الله عليه وسلم- .. مما سمعه منه أقوى، لكن يمكن أو يحتمل فكثيرا ما ينقل عن بعض الصحابة حديث مرفوع ثم ينقل عن صحابي آخر موقوفا، فيتبين أن هذا الموقوف له حكم المرفوع؛ لأنه جاء مرفوعا من طريق أخرى.
نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين، وإن كان قد يوجد أن بعض الصحابة ينقل عنهم، ولكن ذلك أقل من نقل التابعين إذا جزم الصحابي فيما يقوله فكيف يقال إنه أخذه عن أهل الكتاب؟ مع أنهم قيل لهم لا تصدقوهم، فإذا جاء الأثر أو التفسير مرفوعا عن الصحابي أو مجزوما به وإن لم .. قبلناه؛ لأنهم قد نهو عن أخذهم من أهل الكتاب، يقول المقصود بأن مثل هذا الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه ولا تفيد حكاية الأقوال فيه كالمعرفة بما يروى من الحديث الذي لا دليل على صحته وأمثال ذلك.
المقصود أن مثل هذا الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه ولا تفيد حكايته الأقوال فيه هو كالمعرفة بما يروى من الأحاديث التي لا دليل على صحتها، يعني الاختلاف الذي يروى عن الصحابة في التفسير وكالاختلاف في الأحاديث التي لا يتأكد من صحة الحديث ولا من ضعفه يعني كثيرا ما يأتي حديث يروى بأسانيد ضعيفة مع كونه مرفوعا، فهل نجزم بصحته؟ يقول الناظم الذي هو العراقي
وللصحـيح والضعيـف قصــدوا
فـي ظـاهر لا قطـع والمعتمـد
إمساكنا عـن حكمنـا على سـند
بأنـه أصــح مطلقــا وقــد
خـاض بـه قـوم فقيـل مـالك
عن نافــع فيمـا رواه الناسـك
فيقول: إننا إذا قلنا: هذا الحديث صحيح، فإنما ذلك في الظاهر وقد يكون ضعيفا في الباطن ونحن لا نأخذ إلا ما وجدنا ظاهرا، وإذا قلنا هذا الحديث ضعيف فإن ذلك في الظاهر فقد يكون صحيحا في باطن الأمر.